دور البلوك تشين في الانتخاب الإلكتروني.. كيف يمكن إجراء انتخابات نزيهة؟

PersonOutlineIconUPYO.comCalendarTodayIcon August 8, 2023AccessTimeIcon 7 دقائق القراءة
PersonOutlineIconUPYO.comCalendarTodayIcon August 8, 2023AccessTimeIcon Mins Read
دور البلوك تشين في الانتخاب الإلكتروني.. كيف يمكن إجراء انتخابات نزيهة؟ Featured Image

نجحت تقنية البلوك تشين – Blockchain أو ما يُعرف باسم تقنية سلسلة الكتل، خلال السنوات القليلة الماضية، في أن تفرض نفسها كأداة أساسية يتم استخدامها على نطاق واسع في العديد من المجالات والقطاعات.

فقد شهدنا خلال الفترة الماضية، بدء استخدام هذه التقنية المذهلة في العديد من القطاعات، بداية من من المعاملات المالية وتسجيل ملكية العقارات، مرورًا بالرعاية الصحية وتأمين المعلومات الشخصية، وصولًا إلى الخدمات الحكومية.

ولم تقف استخدامات البلوك تشين عند هذا الحد، حيث بات يتم استخدامها لإنجاز العديد من المهام الأخرى الشائكة، مثل الانتخابات. فقد أثبت هذه التقنية الواعدة قدرتها على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة؛ وذلك بفضل المزايا الرائعة والإمكانيات المذهلة التي تتمتع بها.

وفي ضوء ذلك سوف نحاول من خلال هذا المقال شرح دور البلوك تشين في الانتخاب الإلكتروني، وكيف يمكن تنظيم انتخابات نزيهة باستخدام هذه التقنية.

ولكن قبل ذلك، دعنا نلقي نظرة سريعة على مفهوم تقنية البلوك تشين بشكل عام؛ وذلك كمدخل هام لفهم الموضوع الأصلي الذي يدور حوله مقالنا اليوم.

دور البلوك تشين في الانتخاب الإلكتروني

ما هي تقنية البلوك تشين – Blockchain؟

تقنية البلوك تشين أو ما يُعرف باللغة العربية باسم تقنية سلسلة الكتل هي ببساطة شديدة عبارة عن نوع من قواعد البيانات العملاقة، التي يتم من خلالها تسجيل أو تخزين المعاملات والبيانات المختلفة. وتختلف قاعدة البيانات هذه عن قواعد البيانات التقليدية في الطريقة التي يتم من خلالها تنظيم وتسجيل المعلومات التي تحتوي عليها.

فمن خلال تقنية البلوك تشين، يتم جمع البيانات في مجموعة تُعرف باسم الكتل، وتتمتع كل كتلة بسعة تخزينية معينة، عندما تمتلئ يتم ربطها بالكتلة المملوءة مسبقًا؛ لتشكل بذلك سلسلة من البيانات، ومن هنا جاءت تسمية سلسلة الكتل.

وتتم عملية التحقق من البيانات التي يتم تسجيلها على هذه الكتل، من خلال مستخدمين آخرين في نفس النظام، وبمجرد التحقق منها لا يمكن تغييرها بأي طريقة من الطرق، حيث يتم إضافتها إلى سلسلة الكتل الدائمة الأخرى التي تم التحقق منها مسبقًا.

وتعتمد هذه التقنية بشكل أساسي على مبدأ اللامركزية، حيث لا تتطلب وجود أي وسيط أو طرف ثالث لتسجيل البيانات. باختصار شديد، يمكن القول بأن البلوك تشين هو عبارة نظام دفتر أستاذ رقمي، يستخدم سجلًا مفتوحًا وموزعًا لتتبع المعاملات المختلفة.

وبات يُنظر إلى تقنية البلوك تشين مؤخرًا باعتبارها تقنية ثورية، يمكن استخدامها لتسجيل أو توثيق أي نوع من المعاملات في العالم كله، في سجل واحد موجود على الإنترنت.

دور البلوك تشين في الانتخاب الإلكتروني

بشكل عام، تستمد تقنية البلوك تشين قوتها مما يُسمى بالعُقد – Nodes الموجودة على الشبكة، والتي يتم من خلالها التحقق من جميع المعاملات ومعالجتها وتسجيلها عبر النظام. وبفضل التشفير واللامركزية، فإن قاعدة بيانات البلوك تشين تكون غير قابلة للتعديل أو التلاعب بها، كما أنه يمكن التحقق منها بسهولة.

وكما سبق وأن ذكرنا في بداية المقال، لا يتم استخدام هذه التقنية في تسجيل البيانات الخاصة بالمعاملات المالية فقط، بل يمكن استخدامها لتخزين أي نوع من أنواع البيانات الأخرى. وبالتالي فإن هذه التقنية يمكن أن تكون مفيدة للغاية للانتخابات، والتي تعتمد بشكل أساسي على البيانات.

فمازالت أنظمة الانتخابات الحالية، عالقة إلى حد كبير في القرن الماضي، حيث تعتمد غالبية دول العالم على أنظمة التصويت القديمة، التي تتطلب مغادرة الناخبين لمنازلهم، وتقديم أوراق الاقتراع إلى السلطات المحلية.

وللأسف تسبب هذا النظام في ظهور العديد من المشكلات، بداية من رفض الناخبين تكبد عناء الذهاب إلى صناديق الاقتراع، مرورًا باحتمالية حدوث أخطاء في تسجيل بيانات الناخبين، انتهاءً بتزوير الانتخابات.

وعلى الرغم من ظهور العديد من المحاولات لاعتماد التصويت الإلكتروني؛ إلا أنه تسبب في ظهور الكثير من الثغرات الأمنية التي يستغلها البعض للتأثير على نتائج الانتخابات. ومن هنا، بدأ الخبراء يتحدثون عن ضرورة الاعتماد على تقنية البلوك تشين، التي تقدم حلولًا جوهرية لجميع هذه المشكلات.

فمن خلال هذه التقنية الثورية، يمكن للناخبين الإدلاء بأصواتهم من منازلهم دون تكبد عناء التوجه إلى صناديق الاقتراع، ودون أيضًا الكشف عن هوياتهم أو تفضيلاتهم السياسية. كما يمكن أيضًا للجهات المنظمة تسجيل بيانات الناخبين بشكل أكثر دقة، وحصر الأصوات بسهولة شديدة.

وأخيرًا تضمن شفافية البلوك تشين في التصويت الانتخابي، إجراء انتخابات نزيهة وبعيدة تمامًا عن أي عمليات تزوير أو تلاعب بالأصوات.

تصويت يعتمد البلوك تشين

مزايا الانتخاب الإلكتروني باستعمال تقنية البلوك تشين

تتمتع تقنية البلوك تشين بالعديد من المزايا الرائعة التي تنعكس بشكل إيجابي على التصويت الإلكتروني.

وفيما يلي نرصد أبرز هذه المزايا:

اللامركزية

كما سبق وأن أشرنا، تعتمد تقنية البلوك تشين بشكل أساسي على مبدأ اللامركزية، وهو ما يسمح بإجراء المعاملات وتسجيل البيانات دون الحاجة إلى أي وسيط أو سلطة مركزية. ويتيح ذلك إجراء التصويت الإلكتروني، دون تدخل أي جهة أو سلطة، قد تؤثر على نتيجة هذا التصويت.

الأمان

توفر تقنية البلوك تشين درجة عالية من الأمان؛ وذلك نظرًا لأن البيانات المسجلة عليها تكون مشفرة ومدققة، وبالتالي لا يمكن تغييرها أو التلاعب بها بأي شكل من الأشكال.

فاختراق هذه البيانات يستلزم اختراق جميع الكتل في نفس الوقت، وهو أمر يكاد يكون مستحيل الحدوث. وتقف هذه الميزة الرائعة عائقًا أمام أي محاولات لتزوير نتائج الانتخابات أو التلاعب بالأصوات.

السرعة والكفاءة

تتم عملية تخزين البيانات المختلفة عبر تقنية سلسلة الكتل بشكل أسرع وأكثر كفاءة من طرق الإدخال اليدوية، التي عادة ما تستغرق وقتًا طويلًا، ولا تخلو من احتمالية حدوث أخطاء. ويضمن ذلك إعداد وتخزين قواعد بيانات الناخبين بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

تقليل التكاليف

تتيح الطبيعة اللامركزية لتقنية البلوك تشين تقليل تكاليف الرسوم الإدارية، وتوفير النفقات التي كان يحصل عليها الوسطاء. وبالتالي يمكن أن يساهم الانتخاب الإلكتروني باستعمال تقنية البلوك تشين في توفير الكثير من النفقات.

فقد أشارت تقارير صحفية، بأن الصوت الواحد يكلف الجهات المنظمة للانتخابات من 7 إلى 25 دولارًا أمريكيًا، بينما لا تتعدى تكلفة التصويت عبر البلوك تشين 0.50 دولار.

أمثلة لدول استخدمت البلوك تشين في الانتخابات

فيما يلي قائمة تضم أبرز الدول التي قدمت تجارب تصويت يعتمد تقنية البلوك تشين:

الولايات المتحدة الأمريكية

استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية نظام تصويت يعتمد تقنية البلوك تشين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018 في ولاية فرجينيا الغربية، وكذلك أيضًا في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بمقاطعة يوتا.

وتم في الحالتين استخدام تطبيق التصويت الإلكتروني Voatz. وبفضل هذه التقنية، تمكن أفراد القوات المسلحة المتمركزون في الخارج من التصويت عن بعد في الانتخابات.

سيراليون

استخدمت سيراليون وبالتحديد المنطقة الغربية من الدولة، نظامًا لفرز الأصوات قائم على تقنية البلوك تشين، في الانتخابات العامة التي أجريت في شهر مارس من عام 2018؛ لانتخاب الرئيس والبرلمان والمجالس المحلية.

وتم استحداث نظام البلوك تشين الذي اعتمدت عليه هذه الانتخابات بواسطة شركة Agora. وأعلنت السلطات في سيراليون وقتها أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرصها على خلق بيئة من الثقة والشفافية مع الناخبين.

اليابان

في عام 2020، أصبحت تسوكوبا أول مدينة يابانية تقدم نظام التصويت الرقمي القائم على تقنية البلوك تشين. حيث تم وقتها الاستعانة بالشركة اليابانية الناشئة في مجال البلوك تشين LayerX؛ لاستحداث نظام يمكن من خلاله التصويت على مقترحات التنمية الاجتماعية بالمدينة.

واستطاع الناخبون من خلال هذا النظام التصويت عن بعد عبر الإنترنت، حيث تم تسجيل الأصوات في دفتر الأستاذ اللامركزي.

تايلاند

في شهر نوفمبر من عام 2018، أجرى الحزب الديمقراطي التايلاندي، أقدم حزب سياسي في تايلاند، انتخابات أولية لاختيار زعيم له بالاعتماد على تقنية البلوك تشين. وشارك في هذه الانتخابات التي أجريت عبر تقنية سلسلة الكتل 127479 ناخبًا من جميع أنحاء تايلاند.

التصويت الإلكتروني

رؤية مستقبلية للانتخابات في ظل تقنية البلوك تشين

على الرغم من الحلول الجوهرية التي تقدمها تقنية البلوك تشين لأنظمة التصويت، إلا أن الطريق مازال طويلًا لاعتماد هذه التقنية على نطاق واسع في جميع دول العالم. فإذا كانت تقنية البلوك تشين تتمتع بالكثير من المزايا والإمكانيات، إلا أنه وللأسف هناك بعض التحديات التي قد تواجه اعتمادها في مجال الانتخابات.

ويأتي على رأس هذه التحديات غياب المعرفة بالبلوك تشين، فعلى الرغم من أن هذه التقنية قد ظهرت منذ سنوات عديدة، إلا أنها مازالت غير معروفة بشكل كبير، وخاصة في منطقتنا العربية.

أما ثاني هذه التحديات فيتمثل في ارتفاع تكاليف اعتمادها، فعلى الرغم من أنها قد توفر الكثير من النفقات للجهات المستفيدة منها، إلا أن اعتمادها وبدء تطبيقها يتطلب تكاليف باهظة؛ وذلك لشراء الأجهزة التي تعتمد عليها، وتدريب الأفراد على استخدامها.

وأخيرًا، تواجه تقنية البلوك تشين بشكل عامة انتقادات كثيرة؛ وذلك لأن غالبية الشبكات تستهلك قدرًا كبيرًا للغاية من الطاقة؛ للتحقق من صحة المعاملات، مما يثير العديد من المخاوف البيئية.

ومع ذلك، فإن تقنية البلوك تشين قادرة على إحداث ثورة بنظام التصويت، فعلى الرغم من وجود بعض التحديات، إلا أن المزايا والفرص الرائعة التي تقدمها قادرة على إحداث الفرق.

فقد نجحت تقنية سلسلة الكتل، على مدار السنوات القليلة الماضية، في تحقيق شعبية وانتشار كبير بكافة القطاعات والمجالات، وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات على تباطؤها، وهو ما ينذر بمستقبل مشرق لتقنبة البلوك تشين.

الخلاصة

تكمن القيمة الأساسية لاستخدام تقنية البلوك تشين في قدرتها على تحسين الأنظمة القديمة، ومواجهة المشكلات المتعلقة بها. وبما أن نظام التصويت التقليدي المعتمد حاليًا في غالبية دول العالم يخلق العديد من المشكلات التي تؤثر في بعض الأحيان على نتائج العملية الانتخابية بالكامل، فإنه قد حان الوقت لإيجاد حلول آخر أكثر فاعلية.

ولم يجد الخبراء أفضل من تقنية البلوك تشين، التي تقدم حلول جذرية لكل هذه المشكلات، ولديها القدرة على خلق نظام انتخابي جديد يتسم بالشفافية والنزاهة.

المواضيع:
UpYo NFT
Author profile

سواء كنت ترغب في التعرف على NFT أو Blockchain أو Web3.0 أو Metaverse أو أي تقنيات ناشئة أخرى ، فلدينا الموارد الحيوية التي من شأنها أن تنير وتساعدك على اتخاذ قرار مستنير.

UpYo NFT
المنشورات ذات الصلة
مشاهدة الكل