تاريخ البلوك تشين.. متى ظهرت وكيف تطورت؟

تعد تقنية البلوك تشين – Blockchain أو ما يُطلق عليها اسم تقنية سلسلة الكتل، واحدة من أهم الابتكارات التكنولوجية، التي انتشرت مؤخرًا، وأحدثت تأثيرًا كبيرًا في كافة المجالات والقطاعات الحيوية.

وعلى الرغم من الانتشار الكبير لتقنية البلوك تشين في الوقت الحالي، إلا أنها ليست بالتقنية الحديثة، حيث يعود تاريخ ظهورها إلى أوائل التسعينيات. وفي هذا المقال، سوف نتعرف على تاريخ البلوك تشين، ومراحل تطور هذه التقنية الثورية، وكذلك أيضًا أبرز التوقعات بشأن مستقبلها.

تاريخ البلوك تشين.. بداية ظهور التقنية

تعود بداية ظهور البلوك تشين إلى عام 1991، وذلك عندما بدأ الباحثان ستيوارت هابر – Stuart Haber ودبليو سكوت ستورنيتا – W Scott Stornetta، في البحث عن حلول علمية حسابية لتوثيق أو ختم المستندات الورقية بالوقت، بحيث لا يمكن التلاعب أو العبث بها بأي شكل من الأشكال.

وقام الباحثان وقتها بتطوير نظام قائم على التشفير، يتم من خلاله تخزين المستندات ذات الطابع الزمني في سلسلة من الكتل.

وفي عام 1992، تم دمج ما يُعرف باسم شجرة ميركل – Merkle Trees في التصميم، بهدف جعل هذا النظام أكثر كفاءة، من خلال السماح بجمع وتخزين الكثير من المستندات في كتلة واحدة.

وعلى الرغم من الجهود التي تم بذلها لتطوير هذه التقنية، إلا أنه لم يتم استخدامها بشكل كبير في ذلك التوقيت.

مراحل تطور تقنية البلوك تشين.. تسلسل زمني

فيما يلي تسلسل زمني لمراحل تطور تقنية البلوك تشين:

2000: في هذا العام، عاد الحديث مرة أخرى عن تقنية البلوك تشين، وذلك عندما قام الباحث ستيفان كونست – Stefan Konst بطرح نظريته حول سلاسل التشفير المؤمن، بالإضافة إلى مجموعة من الأفكار لتنفيذها.

2004: قدم عالم الكمبيوتر والناشط في مجال التشفير، هال فيني – Hal Finney، نظامًا جديدًا يُعرف باسم إثبات العمل القابل لإعادة الاستخدام – RPoW؛ وذلك لحل مشكلة الإنفاق المزدوج من خلال الاحتفاظ بملكية الرموز المميزة مسجلة على خادم موثوق به.

وتم تصميم هذا الخادم؛ للسماح للمستخدمين في جميع أنحاء العالم بالتحقق من صحته وسلامته في الوقت الفعلي.

وكانت هذه الخطوة بمثابة تطورًا ملحوظًا في تاريخ تقنية البلوك تشين.

2008: في أواخر هذا العام، نشر مؤسس عملة البيتكوين – Bitcoin، صاحب الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو – Satoshi Nakamoto، ورقة بيضاء، تتضمن نظامًا للدفع الإلكتروني من نظير إلى نظير – P2P.

وقام ناكاموتو وقتها من خلال هذا النظام بتعديل نموذج شجرة ميركل، وإنشاء نموذج آخر أكثر أمانًا؛ لتبادل البيانات. وأصبح هذا النظام فيما بعد مفيدًا جدًا، حتى أنه أصبح العمود الفقري للعملات الرقمية.

2009: في هذا العام أصدر ساتوشي ناكاموتو الورقة البيضاء الخاصة بعملة البيتكوين. وتم البدء في تعدين عملة البيتكوين، والتي هي جزء من البلوك تشين.

2014: كان هذا العام بمثابة نقطة تحول في تاريخ تكنولوجيا البلوك تشين، حيث شهد ميلاد ما يُعرف باسم Blockchain 2.0.

ومنذ ذلك التوقيت، لم تعد استخدامات البلوك تشين مقتصرة على العملات الرقمية فقط، حيث بدأت العديد من المؤسسات المالية والقطاعات الأخرى تركز على تطوير تطبيقات سلسلة الكتل.

2015: في هذا العام، تم البدء في تشغيل شبكة الإيثريوم – Ethereum، مما أتاح للمطورين كتابة العقود الذكية والتطبيقات الرقمية، التي يمكن نشرها على شبكة مباشرة.

وفي نفس العام، أطلقت مؤسسة Linux مشروع هايبرليدجر – Hyperledger، والذي كان له دور كبير في تطوير تقنية البلوك تشين فيما بعد.

2016: في هذا العام تم قبول الـBlockchain ككلمة واحدة بدلًا من كلمتين كما كان الحال في الورقة البيضاء الخاصة بناكاموتو.

وفي نفس العام، تم استغلال خطأ في كود المنظمة المستقلة اللامركزية الخاصة بشبكة الإيثريوم – Ethereum DAO، مما أدى إلى حدوث الانقسام الشهير بالشبكة.

وتم اختراق بورصة بيتفينكس – Bitfinex، مما أدى إلى سرقة ما يقرب من 120 ألف بيتكوين.

2017: في هذا العام، اعترفت اليابان بعملة البيتكوين كعملة قانونية، وقدمت شركة Block.one نظام التشغيل EOS Blockchain، الذي تم تصميمه لدعم التطبيقات اللامركزية التجارية.

2022: كانت تقنية البلوك تشين على موعد مع حدث ضخم في هذا العام، وهو دمج الإيثريوم – Ethereum Merge.

حيث تم دمج شبكة الإيثريوم القديمة التي كانت تعمل بنظام إثبات العمل – Proof of Work مع الشبكة الجديدة التي تعمل بنظام إثبات الحصة – Proof of Stake، والخروج بشبكة واحدة تعمل بنظام إثبات الحصة بالكامل.

وجاءت هذه الخطوة في إطار حرص الشبكة على معالجة المشكلات التي عانت منها، على مدار سنوات طويلة، مثل استهلاك قدر كبير من الطاقة، وارتفاع رسوم الغاز – Gas Fees، وبطء المعاملات، وغيرها.

واعتبر الخبراء أن هذا التحديث الذي حمل اسم Ethereum 2.0 بمثابة نقطة فارقة في تاريخ تقنية البلوك تشين بشكل عام.

رؤية مستقبلية لتقنية البلوك تشين

شهدت تقنية البلوك تشين، خلال السنوات القليلة الماضية، تطورات جذرية وسريعة للغاية، حتى أنها أصبحت واحدة من أهم التقنيات الحديثة في الوقت الراهن.

فكما سبق وأن أشرنا، لم تعد هذه التقنية مقتصرة على العملات الرقمية فقط، بل أصبحت تُستخدم في العديد من القطاعات والصناعات الحيوية، مثل دور البلوك تشين في الرعاية الصحية، والمعاملات المالية، والعقارات، والتعليم، وسلاسل التوريد، وغيرها.

وفي ضوء التطور المستمر الذي تشهده تقنية سلسلة الكتل، من المتوقع أن نشهد المزيد من الاستخدامات الخاصة بها، خلال السنوات القليلة المقبلة.

ويرى غالبية الخبراء بأن هناك مستقبل مشرق ينتظر تقنية سلسلة الكتل؛ وذلك في ضوء اهتمام الحكومات والشركات الكبرى بها، وحرصها على الاستثمار فيها.

الخلاصة

يعتقد البعض أن تاريخ ظهور البلوك تشين مرتبط بإطلاق العملات الرقمية عام 2008، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح على الإطلاق.

حيث ظهرت تقنية البلوك تشين لأول مرة عام 1991، ومرت بالعديد من مراحل التطور، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، وأصبحت واحدة من أهم التقنيات الثورية، التي أحدثت ثورة جذرية في مختلف القطاعات.