ما هو ترميز البيانات؟ وكيف يعمل؟

إذا كنت مهتمًا بما تشهده الساحة الرقمية من تطورات مستمرة، فبالتأكيد قد سمعت أو قرأت كثيرًا عن مصطلح ترميز البيانات – Data Encoding. فقد انتشر هذا المصطلح على نطاق واسع، خلال الفترة الماضية، حيث أصبح بمثابة وسيلة فعالة يمكن من خلالها تحويل البيانات المختلفة إلى رموز مميزة.

وفي ضوء ذلك، سوف نقوم من خلال مقالنا اليوم بشرح ترميز البيانات، وكيف يعمل، وأهميته، وغيرها من التفاصيل الأخرى. ولكن قبل ذلك، دعنا أولًا نلقي نظرة سريعة على مفهوم الرموز المميزة، كمدخل هام وضروري لفهم الموضوع الأصلي الذي يدور حوله مقالنا اليوم.

 ما هي الرموز المميزة؟

الرموز المميزة هي باختصار شديد عبارة عن وحدات رقمية غير قابلة للتعدين، توجد كمدخلات سجل في شبكات البلوك تشين – Blockchain. وتأتي هذه الرموز في صور وأشكال مختلفة، كما أنها لها حالات استخدام عديدة.

فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الرموز المميزة لتشفير البيانات. وكما سبق وأن ذكرنا، يتم إصدار هذه الرموز عن طريق استخدام شبكات البلوك تشين مثل الإيثريوم – Ethereum، وبوليجون – Polygon، وسولانا – Solana، وغيرها.

وللرموز المميزة معايير كثيرة مثل ERC-20، وERC-721، وERC-1155. بعبارة أخرى، تعتبر الرموز المميزة بمثابة وحدات قيمة قابلة للتحويل تصدر عبر شبكة البلوك تشين، ولكنها ليست عملات رقمية كالبيتكوين – Bitcoin أو الإيثر – ETH أو غيرها.

ما هو ترميز البيانات؟

ترميز البيانات هي عبارة عن وسيلة يمكن من خلالها تحويل البيانات الحساسة، كبيانات بطاقات الائتمان أو البيانات التأمينية إلى رموز مميزة، يمكن معالجتها دون الكشف عن البيانات الأصلية.

وتكون هذه الرموز المميزة فريدة وثابتة، ويمكن التحقق منها بسهولة عبر شبكة البلوك تشين، وهو ما يجعلها تتسم بقدر كبير من الأمان والخصوصية.

فعلى سبيل المثال، يمكن لأي شخص ترميز رقم بطاقة الائتمان الخاصة به، وذلك عن طريق تحويلها إلى سلسلة من الأرقام العشوائية، التي يتم استخدامها للتحقق من الدفع بدلًا من الكشف عن رقم البطاقة الأصلي، وهو ما يوفر قدر أكبر من الأمان.

كما يمكن أيضًا الاستفادة من ترميز البيانات لمساعدة المستخدمين على ترميز بياناتهم عبر حسابات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وهو ما يساعدهم على التنقل بسهولة من موقع لآخر مع الحفاظ على خصوصية بياناتهم.

جدير بالذكر أن مصطلح ترميز البيانات انتشر بشكل كبير للغاية، خلال السنوات القليلة الماضية، وأصبح يتم استخدامه على نطاق واسع وخاصة في القطاع المالي.

كيف تتم عملية ترميز البيانات في البلوك تشين؟

لشرح آلية عمل ترميز البيانات، دعنا نضرب مثالًا بسيطًا لمستخدم يريد أن يتنقل من أحد مواقع التواصل الاجتماعي إلى موقع آخر.

في الحالة العادية، سوف يحتاج هذا المستخدم إلى إنشاء حساب جديد، وإدخال بياناته الشخصية، وفي غالبية الأحيان لا ينتقل سجل المنشورات الموجود على الموقع القديم إلى الموقع الجديد.

ولكن من خلال ترميز البيانات، يمكن لهذا المستخدم ربط هويته الرقمية الحالية بالموقع الجديد؛ وذلك لنقل بياناته الشخصية بشكل تلقائي. ولتحقيق ذلك، لابد وأن يكون لدى المستخدم محفظة رقمية، وعنوان خاص بها، يمثل هويته على شبكة البلوك تشين.

وهناك الكثير من المحافظ الرقمية المتاحة في السوق، والتي يمكن الاختيار من بينها، لعل أشهرها محفظة ميتاماسك – MetaMask. ويمكن للمستخدم بعد ذلك، ربط محفظته بموقع التواصل الاجتماعي الجديد، وهو ما سيساعده على مزامنة السجل الشخصي تلقائيًا على هذا الموقع.

ويمنح ذلك للمستخدم القدرة على التحكم في اختيار الموقع الذي سينتقل إليه، كما يضمن له الحفاظ على معاملاته السابقة.

فوائد ترميز البيانات

لعملية ترميز البيانات أهمية كبيرة للغاية، وذلك نظرًا للمزايا الكثيرة والفوائد العديدة التي تقدمها لمستخدميها، والتي يتمثل أبرزها في التالي:

تعزيز الأمان

يساعد ترميز البيانات في تعزيز الأمان بشكل كبير، من خلال استبدال البيانات الحساسة برموز مميزة. ويساهم ذلك في الحد من مخاطر اختراق البيانات وسرقة الهوية والهجمات الإلكترونية وغيرها.

فكما سبق وأن ذكرنا من قبل، يتم ربط البيانات الأصلية برموز مميزة مسجلة عبر تقنية البلوك تشين، وهو ما يجعلها محمية وثابتة وغير قابلة للاختراق بأي شكل من الأشكال.

الامتثال للوائح

عادة ما تفرض غالبية المؤسسات والقطاعات وخاصة المالية لوائح تنظيمة صارمة؛ لحماية البيانات. ويمكن أن تستفيد هذه المؤسسات من عملية الترميز، من خلال تأمين البيانات الحساسة، وتقليل فرص عدم الامتثال.

كما يمكن الاستفادة من الترميز أيضًا في الحد من الإجراءات الأمنية المعقدة، وتسهيل عملية إدارة البيانات على هذه المؤسسات.

مشاركة البيانات بشكل آمن

يسمح الترميز بالمشاركة الآمنة للبيانات بين الأقسام والإدارات والعملاء والشركاء، دون الكشف عنها. ويضمن ذلك عدم تسريب أي معلومات أثناء مشاركتها، وهو ما يقلل من مخاطر السرقة والتزوير.

عيوب ترميز البيانات

مثل أي تقنية حديثة، تنطوي عملية ترميز البيانات على بعض العيوب، يتمثل أبرزها في التالي:

التأثير على جودة البيانات

قد تؤثر عملية الترميز على جودة ودقة البيانات؛ وذلك نظرًا لأنه قد يتم فقدان بعض البيانات أو تعرضها للتشويه، أثناء إتمام هذه العملية. فعلى سبيل المثال، قد يؤثر تحويل موقع المستخدم إلى رمز مميز بشكل سلبي على إمكانية رؤية هذا المستخدم لمحتوى ذي صلة بناءً على الموقع.

صعوبة التشغيل البيني

قد يؤدي ترميز البيانات إلى حدوث صعوبة في عمل الأنظمة المختلفة التي تعالج هذه البيانات مع بعضها البعض. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي ترميز عنوان البريد الإلكتروني الخاصة بمستخدم ما، إلى عدم تلقيه إشعارات من بعض المواقع الأخرى.

التحكم في البيانات

عادة ما يؤدي ترميز البيانات إلى إثارة العديد من التساؤلات حول الطرف الذي يمتلك البيانات ويتحكم فيها، وكيف يمكن أن يستخدمها. فقد يؤدي ترميز البيانات الشخصية لمستخدم ما إلى تغيير طريقة موافقته على تجميع هذه البيانات واستخدامها.

صعوبة استرداد البيانات

قد يؤدي فشل عملية الترميز إلى صعوبة استرداد المستخدم لبياناته. فاستعادة البيانات التي تم تحويلها إلى رموز مميزة هو أمر معقد بشكل كبير، ويتطلب إجراءات في غاية الصعوبة، وقد تكون مستحيلة.

الخلاصة

في الختام، يمكننا القول بأن ترميز البيانات أصبح بمثابة وسيلة شائعة يتم استخدامها على نطاق واسع، في الكثير من المجالات والقطاعات، سواء كانت المالية أو الصحية أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي ضوء ما تقدمه هذه الوسيلة من مزايا وفرص رائعة لمستخدميها، من المتوقع جدًا أن تنتشر بشكل أكبر؛ لتشمل المزيد من القطاعات الأخرى. ولكن لتحقيق ذلك، لابد من العمل على إيجاد حلول للتحديات التي سبق الإشارة إليها؛ وذلك لضمان استخدام أمثل لهذه الوسيلة الفعالة.