أبرز تطبيقات الواقع الافتراضي في التعليم.. تعرف عليها

تشهد الأنظمة التعليمية في غالبية دول العالم كل يوم تغيرات جذرية، وخاصة فيما يتعلق بأدوات وأساليب التدريس والتعلم. فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، انتقل التعليم من الكتب المدرسية واللوحات السوداء إلى الهواتف واللوحات الذكية.

ولم يتوقف الانتقال من الطرق التقليدية إلى الطرق الحديثة في التعليم عند هذا الحد، بل بدأت غالبية المؤسسات التعليمية بالكثير من دول العالم في الاعتماد على تقنيات أكثر تطورًا مثل الواقع الافتراضي – VR والميتافيرس – Metaverse وغيرها؛ وذلك لتوفير فرص وآليات أفضل لكافة أطراف العملية التعليمية.

وفي ضوء ذلك، سوف نحاول من خلال هذا المقال استعراض أبرز استخدامات أو تطبيقات الواقع الافتراضي في التعليم، وكيف يمكن أن تساهم هذه التقنية الثورية، في تغيير شكل منظومة التعليم بالمستقبل.

ما هو الواقع الافتراضي – VR؟

يمكن تعريف الواقع الافتراضي أو يُسمى بالإنجليزية بـVirtual Reality بأنه عبارة عن تجربة افتراضية يمكن لأي شخص الانتقال إليها وخوضها من العالم الحقيقي. ومن الناحية الفنية، يشير مصطلح الواقع الافتراضي إلى استخدام التكنولوجيا والأجهزة التقنية لإنشاء عمليات محاكاة افتراضية.

ويسمح ذلك للمستخدم بالانتقال إلى مكان افتراضي، لا يستطيع فيه رؤية الصورة فقط، بل يستطيع أيضًا الشعور بها، وذلك من خلال استخدام أجهزة معينة، تُمكّنه من التحرك لأعلى وأسفل والشعور بكل شيء ورؤيته والاستماع إليه، كمان لو كان هذا المستخدم حقًا جزءًا من عالم افتراضي.

ويتم حاليًا استخدام تقنية الواقع الافتراضي بأشكال عديدة في الكثير من المجالات الترفيهية والصحية والتعليمية وغيرها. ولفهم تقنية الواقع الافتراضي بشكل أكبر، دعنا نضرب مثالًا بالأفلام ثلاثية الأبعاد، التي يمكن لأي شخص من خلال استخدام نظارات وسماعات معينة أن يشاهدها ويتفاعل معها كما لو كان جزءًا منها.

الواقع الافتراضي في التعليم

على الرغم من أنه لا يمكن لأي تقنية أن تحل محل العنصر البشري تمامًا في أي مجال أو قطاع، إلا أنها يمكن أن تساهم في تعزيز التجارب الخاصة به، وهذا ما تفعله تقنية الواقع الافتراضي في مجال التعليم.

حيث يعتبر الواقع الافتراضي بمثابة أداة رائعة لمنح الطلاب تجربة واقعية للمواد والمناهج التي يدرسونها.

كما تتيح هذه الأداة للطلاب أيضًا تجربة الأحداث الماضية، وإلقاء نظرة عليها من خلال تواجدهم في الفصول الدراسية، وكذلك أيضًا الحصول على عروض افتراضية لخيارات حياتهم المهنية، والقيام بأنشطة إبداعية تساهم في اكتسابهم المزيد من المهارات والخبرات.

وبالتالي يمكن استخدام الواقع الافتراضي في التعليم والاستفادة منه بشكل كبير، وهو ما سيتم التطرق إليه تفصيليًا في الجزء التالي من هذا المقال.

تطبيقات الواقع الافتراضي في التعليم

هناك العديد من استخدامات أو تطبيقات الواقع الافتراضي في التعليم، يتمثل أبرزها في التالي:

تعزيز مشاركة الطلاب

يساهم استخدام تقنية الواقع الافتراضي داخل الفصول الدراسية في جعل التجربة التعليمية أكثر جاذبية وتواصلًا، وهو ما يساعد في تعزيز مشاركة الطلاب. فكلما كانت الفصول الدراسية أكثر تفاعلية وتواصلية، كلما كان الطلاب أكثر تحمسًا.

فقد لا تساهم الأساليب التقليدية بالتعليم في جذب الطلاب، لكن الواقع الافتراضي يعتبر بمثابة أداة شاملة وممتعة، حيث يمكن للطلاب بكل سهولة وبساطة تعلم الأشياء من خلال مشاهدتها والشعور بها، ومن ثم الارتباط بها والانجذاب إليها.

التعليم القائم على التجربة

لا يساعد التعلم القائم على القراءة والكتابة وتخيل الأشياء، الطلاب على تذكر المعلومات والاستفادة منها فيما بعد.

أما التعلم القائم على التقنيات الحديثة مثل الواقع الافتراضي يساهم في توفير عروض محفزة تجعل الطلاب يشعرون وكأنهم جزء من المواد التي يدرسونها.

كما يمكن للطلاب من خلال هذه التقنية رؤية الأشياء كما هي، وتكوين ذكريات سوف تستمر لفترة أطول في أذهانهم؛ وذلك بفضل تجربة هذه الأشياء والتفاعل معها.

الرحلات الميدانية الافتراضية

تعد الرحلات الميدانية جزءًا أساسيًا من الثقافة التعليمية، حيث تساهم في توفير المعرفة والتطبيق العملي للطلاب. ولكن في بعض الحالات قد يكون من الصعب تنظيم هذه الرحلات، وذلك كما حدث أثناء جائحة كوفيد 19، حيث تم إغلاق المؤسسات التعليمية ووقف جميع الرحلات.

وفي حالات أخرى، تكون هذه الرحلات مكلفة للغاية بالنسبة للطلاب، وبالتالي لا يستطيعون أن يكونوا جزءًا منها.

وتستطيع تقنية الواقع الافتراضي تقديم حلول لهذه السيناريوهات، حيث أنها توفر فرص رائعة للاستمتاع بتجارب السفر والجولات دون زيارة المكان فعليًا، بطريقة سهلة وموفرة للوقت والتكاليف.

حيث يمكن للطلاب من خلال هذه التقنية مشاهدة صور واقعية قائمة على الرسوم لأي مكان، وتحريك رؤوسهم لرؤية الزوايا المختلفة، كما لو كانوا على أرض الواقع، وذلك باستخدام الأجهزة المخصصة لذلك.

ويتم كل ذلك دون مغادرة الفصل الدراسي.

التعلم عن بعد

ساهمت تقنية الواقع الافتراضي، على مدار العامين الماضيين وبالتحديد خلال جائحة كوفيد 19، في تعزيز تجارب التعلم عن بعد بغالبية المؤسسات التعليمية على مستوى العالم.

حيث ساعدت هذه التقنية بشكل كبير في تعزيز التواصل بين كافة أطراف العملية التعليمية، وإزالة العديد من الحواجز المتعلقة بالحضور المادي. كما ساهمت أيضًا في توفير بيئة تعليمية أكثر تفاعلية للطلاب، من خلال تجارب المحاكاة الافتراضية.

تدريب عالي التقنية

يمكن استخدام الواقع الافتراضي في توفير تدريب مهني عالي التقنية للطلاب، يساعدهم في اكتساب المزيد من الخبرات العملية. حيث يمكن من خلال هذه التقنية خلق محاكاة لمواقف معينة، والتدرب عليها.

على سبيل المثال، يمكن استخدام الواقع الافتراضي في الكليات والمعاهد العسكرية؛ لتدريب الطلاب على معارك قتالية بشكل افتراضي. كما يمكن استخدامها أيضًا في كليات الطب؛ لتدريب الطلاب على إجراء عمليات جراحية معينة.

كيف يمكن للواقع الافتراضي تغيير شكل منظومة التعليم في المستقبل؟

من المتوقع أن تلعب تقنية الواقع الافتراضي دورًا كبيرًا في إعادة رسم وتشكيل منظومة التعليم، خلال السنوات القليلة المقبلة. فبفضل هذه التقنية، قد نشهد تغيرًا جذريًا في شكل وآليات النظام التعليمي بغالبية دول العالم.

فمن المتوقع أن تحل الفصول الدراسية الافتراضية محل الفصول التقليدية، وهو ما سيسمح للطلاب بحضور الدروس من أي مكان في العالم. ومن المرجح أن يساعد الواقع الافتراضي في توفير المزيد من فرص التدريب والتعلم العملي للطلاب بأي مكان.

كما من المتوقع أيضًا أن تساهم هذه التقنية في تنظيم منتديات أو مجموعات للمناقشة الافتراضية، وهو ما سيسمح للطلاب بإجراء مناقشات مع أقرانهم في جميع دول العالم.

باختصار شديد سوف يساهم الواقع الافتراضي في تحويل بيئة التعلم إلى مساحة متعددة الأغراض، وكسر الحواجز الجغرافية التي تحول دون التعلم واكتساب الخبرات.

الخلاصة

في نهاية مقالنا، يمكننا القول بأن تقنية الواقع الافتراضي قد أدت إلى فتح العديد من السبل وتوفير الكثير من الفرص في قطاع التعليم لكل من الطلاب والمعلمين.

فلا يمكن لأحد إنكار الدور الكبير الذي لعبته هذه التقنية في مجال التعليم، على مدار الثلاث سنوات الماضية، حيث ساهمت في خلق بيئة أفضل وأكثر إثرءً لجميع أطراف المنظومة التعليمية.

نتمنى أن يكون مقالنا قد ساعدتك في التعرف على أبرز استخدامات وتطبيقات الواقع الافتراضي في التعليم، وتكون رؤية شاملة حول أهمية هذه التقنية في القطاع التعليمي.