طب الميتافيرس.. ما هو مستقبل الرعاية الصحية في ظل الواقع الافتراضي؟

نجح الميتافيرس – Metaverse والتقنيات المرتبطة مثل الواقع الافتراضي – VR والواقع المعزز – AR والبلوك تشين – Blockchain وغيرها، خلال الفترة الماضية، في إحداث ثورة جذرية بالعديد من المجالات والقطاعات.

فلم تعد استخدامات الميتافيرس مقتصرة على الألعاب والترفيه فقط، بل امتدت لتشمل الكثير من القطاعات الحيوية مثل القطاع الصحي. ففي الآونة الأخيرة، بات الميتافيرس يلعب دورًا ملحوظًا في مجال الرعاية الصحية، وهو ما ينذر بتغير كبير من المتوقع أن يطرأ على الخدمات الطبية في المستقبل القريب.

وسوف نقوم من خلال مقالنا اليوم بتسليط الضوء على استخدامات الميتافيرس في المجال الطبي، وكيف يمكن لهذه التقنية الحديثة أن تؤثر على مستقبل الرعاية الصحية. ولكن قبل التطرق لطب الميتافيرس، دعنا أولًا نلقي نظرة سريعة على مفهوم الميتافيرس بشكل عام، كمدخل هام لفهم الموضوع الذي يدور حوله مقالنا اليوم.

ما هو الميتافيرس – Metaverse؟

الميتافيرس هو شبكة من العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد، التي تقوم على فكرة التواصل الاجتماعي بين المستخدمين، من خلال الدمج بين عدد من التقنيات المختلفة، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز والفيديو. ويتم حاليًا الترويج لهذه العوالم الافتراضية بشكل كبير للغاية، باعتبارها جزءًا أساسيًا من الجيل الثالث للإنترنت – Web 3.

ومن هنا، أصبح يُنظر إلى الميتافيرس باعتباره فرصة تجارية ومالية هامة لصناعة التكنولوجيا وغيرها من القطاعات الأخرى، وهو ما دفع العديد من الشركات التكنولوجية الكبرى حول العالم إلى الاستثمار في هذا المجال، مثل شركة ميتا – Meta، ومايكروسوفت – Microsoft، وتينسنت – Tencent، وغيرها.

وفي ضوء الرؤية التي صاغتها هذه الشركات للميتافيرس، سوف تتيح الأجهزة المختلفة مثل سماعات الواقع الافتراضي والنظارات الرقمية والهواتف الذكية وغيرها للمستخدمين الوصول إلى بيئات الواقع الافتراضي أو المعزز ثلاثي الأبعاد، حيث يمكنهم خوض التجارب الافتراضية المختلفة والاستفادة منها.

ومع التطور الذي شهده الميتافيرس، خلال السنوات الماضية، كثرت استخدامات هذه التقنية لتشمل الكثير من المجالات والقطاعات، مثل التعليم والخدمات الحكومية والرعاية الصحية وغيرها.

 ما المقصود بطب الميتافيرس؟

كما سبق وأن ذكرنا، نجحت تقنية الميتافيرس في أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في الكثير من المجالات والقطاعات الحيوية، ومن بينها القطاع الطبي. وبالتالي يمكننا القول بأن هناك علاقة وثيقة بين الطب والميتافيرس، نشأت من المزايا العديدة التي تتمتع بها تقنية الواقع الافتراضي بشكل عام

فقد أصبحت المؤسسات الصحية في غالبية دول العالم على دراية كاملة بتقنية الميتافيرس، وبدأت تستفيد من الفوائد والفرص التي تقدمها؛ لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى. ومن هنا ظهر مصطلح الطب الافتراضي والذي يشير إلى استخدام تقنية الميتافيرس في الخدمات الصحية.

الطب في الواقع الافتراضي.. أبرز الاستخدامات

أصبح للميتافيرس والتقنيات المرتبطة به، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع المختلط والبلوك تشين والأصول الافتراضية وغيرها، الكثير من الاستخدامات في الرعاية الصحية اليوم.

حيث باتت هذه التقنيات تُستخدم على نطاق واسع في التطبيقات التشخيصية والعلاجية، وكذلك أيضًا في التدريب الطبي، والاجتماعات والمؤتمرات، وغيرها. كما تقوم المؤسسات الطبية أيضًا باستخدام تقنية البلوك تشين للتحقق من سلسلة التوريد، وتخزين وإدارة بيانات الرعاية الصحية.

وفيما يلي نرصد أبرز مزايا الطب في الميتافيرس:

• تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية، من خلال ربط المرضى ومقدمي الخدمات ببعضهم البعض، بغض النظر عن الموقع.
• تحسين دقة التشخيص وجودة الجراحات، باستخدام التقنيات المتقدمة.
• تقليل تكاليف تقديم الرعاية والتدريب الطبي وإدارة البيانات.
• فتح إمكانيات جديدة للتخزين والمشاركة والوصول إلى بيانات المرضى وكذلك أيضًا مقدمي الخدمات.
• تعزيز تجارب المرضى، وأعضاء خطط التأمين، وتنويع الإيرادات.
• خفض تكاليف التشغيل، وخاصة المتعلقة بالتوظيف والتعلم والتطوير.

أمثلة على الرعاية الصحية في الميتافيرس

يستخدم الكثير من مقدمي الخدمات الرئيسيين، مثل مستشفيات جونز هوبكنز – Johns Hopkins ومايو كلينك – Mayo Clinic تقنيات الواقع الافتراضي؛ للمساعدة في الإجراءات الطبية، بما في ذلك الإعداد الجراحي، وتنفيذ جراحات العمود الفقري، ووضع القسطرة وغيرها.

حيث تعمل هذه التقنيات التي تتيح التصور الكامل بدلًا من التصور ثنائي الأبعاد، على تحسين معدلات الخطأ، وكذلك أيضًا السرعة. وتعتمد أيضًا شركة الصحة الرقمية الشهير SentiAR على الميتافيرس؛ لتقديم عروض تفاعلية ثلاثية الأبعاد لأنسجة القلب، وتصور للحبل الشوكي، وصور طبية متراكبة أثناء العمليات الجراحية.

وفي العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، تعمل التقنيات المرتبطة بالميتافيرس على تحسين الوصول إلى الرعاية من خلال توفير العلاج، بما في ذلك التعافي من السكتة الدماغية، والتمارين، وتتبع التقدم، بغض النظر عن الموقع الفعلي.

ويمكن لهذه التقنيات خفض تكاليف الرعاية من خلال نماذج العلاج المنزلية، ومراقبة التقدم، باستخدام أجهزة استشعار الجسم المدمجة. وقامت شركة GestureTek Health بإطلاق ألعاب للعلاج الطبيعي بتقنية الواقع الافتراضي، تضع المرضى في عوالم افتراضية، وتسمح للأطباء بمراقبة وضبط معايير النشاط لمستويات مختلفة من العلاج.

مستقبل الرعاية الصحية في ظل الميتافيرس

كما سبق وأن أشرنا في مقالنا، بدأت العديد من المؤسسات الصحية حول العالم تدرك أهمية الميتافيرس والتقنيات المرتبطة به، وضرورة الاعتماد عليه والاستفادة منه؛ وذلك لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى من ناحية والنهوض بهذه المؤسسات من ناحية أخرى.

ومن هنا، قررت المؤسسات العاملة في مجال الصحة توجيه موارد ضخمة واستثمار مبالغ طائلة؛ لبدء الاعتماد على الميتافيرس بشكل أكبر. وفي ضوء ذلك، يتوقع الخبراء أن ينعكس كل هذا على القطاع الصحي بشكل عام، سواء من الناحية الإدارية أو من ناحية الخدمات التي يتم تقديمها للمرضى.

فمن الناحية الإدارية، سوف تشهد غالبية المؤسسات تغيرات إيجابية، من خلال توفير النفقات وتحسين إدارة سلاسل التوريد وغيرها. أما من ناحية الخدمات المقدمة للمرضى، فسوف تتحسن بشكل كبير للغاية، في ضوء ما توفره هذه التقنيات من مزايا رائعة يمكن أن تتجاوز الاستشارات إلى العلاج.

الخلاصة

شهد قطاع الرعاية الصحية، خلال السنوات القليلة الماضية، تغيرات مذهلة، حيث كانت التكنولوجيا والابتكار القوة الدافعة وراء النهوض بهذا القطاع. ولا يمكن لأحد إنكار الدور الذي لعبه ومازال يلعبه الميتافيرس والتقنيات المرتبطة به في إحداث هذه التغيرات.

فكما سبق وأن ذكرنا، تعمل تقنيات الميتافيرس بالفعل على تعزيز وصول المرضى إلى الرعاية الصحية، وتطوير التدريب الطبي، وتحسين النتائج في العديد من الأمراض والعمليات الجراحية، وخفض تكاليف التشغيل.

وفي ضوء التطورات التي تشهدها هذه التقنيات كل يوم، من المتوقع جدًا أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على الرعاية الصحية، حيث سيتعاظم دور الميتافيرس في القطاع الطبي بشكل ملحوظ، وهو ما سنراه معًا.