كيف تؤثر الـNFTs على البيئة؟

على الرغم من أن تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال – NFTs مازالت في مهدها، إلا أنها ساعدت الكثيرين في تحقيق أشياء مذهلة.

فقد منحت هذه الصناعة القائمة بالأساس على تكنولوجيا البلوك تشين – Blockchain فرص عظيمة لمستخدميها لتحقيق أرباح خيالية من ناحية، والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأعمالهم من ناحية أخرى.

ولكن على الرغم من كل ذلك، إلا أن هذه الصناعة قد تعرضت لانتقادات عديدة خلال الفترة الماضية، وخاصة من قبل المهتمين بمواجهة التغيرات المناخية.

فما لا يعرفه الكثيرون أن هناك جانب مظلم للرموز غير القابلة للاستبدال، يتعلق بالآثار السلبية لعملية إنتاجها على البيئة، والتي تسببت في حالة كبيرة من الجدل. وفي ضوء ذلك، سوف نحاول من خلال هذا المقال تقديم شرح تفصيلي لتأثير الـNFT على البيئة.

كيف تؤثر الـNFTs على البيئة؟

في البداية، نود الإشارة إلى أن الرموز غير القابلة للاستبدال نفسها لا تؤثر على البيئة، ولكن عملية إنشاؤها أو سكها هي التي تؤثر. ولفهم هذا التأثير البيئي، لابد في البداية من شرح الطريقة التي يتم من خلالها إنشاء أو سك الـNFTs، والتي تقوم بشكل أساسي على تقنية البلوك تشين – Blockchain.

فمن خلال تقنية البلوك تشين يتم تخزين البيانات والمعاملات المتعلقة بالأصول الرقمية في مجموعات تُسمى الكتل، وتتمتع كل كتلة بسعة تخزين معينة، عندما تمتليء، يتم ربطها بالكتلة المملوءة مسبقًا؛ لتشكل بذلك سلسلة من البيانات، ومن هنا جاءت تسمية البلوك تشين أو سلسلة الكتل.

ويتم التحقق من هذه البيانات والمعاملات التي يتم تسجيلها على هذه الكتل، من خلال مستخدمين آخرين على نفس النظام، عبر الأجهزة الموزعة – المعروفة أيضًا باسم العقد أو Nodes –  في جميع أنحاء العالم، وبمجرد التحقق منها يتم إضافتها إلى سلسلة الكتل الدائمة الأخرى، التي تم التأكد منها في مسبقًا.

إذن فإن المبدأ الأساسي هنا هو أن المستخدمين في النظام يتحققون من صحة المعاملات بالإجماع، ومن أجل إضافة كتلة ومعاملات البيانات التي تحتويها، يجب أن توافق غالبية الأجهزة – العقد – في الشبكة على صلاحية هذه الكتلة. وهو ما يعرف بالعقود الذكية.

ويتطلب القيام بكل ذلك نظامًا معقدًا، حيث يقوم المستخدمون بالتحقق من صحة المعاملات، وتقوم أجهزة الكمبيوتر الأخرى في الشبكة بإجراء عمليات حسابية في غاية الصعوبة وتستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة؛ وذلك لتأسيس إجماع على الشبكة وإضافة الكتلة التالية، وهو ما يُعرف باسم التعدين.

وللقيام بذلك، يجب على الأجهزة الموجودة في الشبكة، والتي غالبًا ما تكون عبارة عن خوادم تعدين عملاقة، حل العمليات الحسابية المعقدة المتجذرة في خوارزميات التشفير. وتُعرف هذه العملية، التي تعتمد عليها غالبية شبكات البلوك تشين، باسم إثبات العمل – Proof of Work، وتستهلك قدرًا كبيرًا للغاية من الطاقة.

باختصار شديد، عندما يقوم شخص ما بإنشاء أو بيع أو شراء NFT، فإنه يقوم بإجراء معاملة على إحدى شبكات البلوك تشين. وكما هو موضح أعلاه، يجب التحقق من صحة هذه المعاملات وإضافتها إلى كتلة تتطلب قدر كبير من الطاقة.

وفي ضوء كل ذلك، يؤكد الخبراء بأن الرموز غير القابلة للاستبدال لها تأثير سلبي على البيئة؛ بسبب متطلبات الطاقة الخاصة بها.

ما هو مقدار الطاقة الذي تستهلكه شبكات البلوك تشين؟

يختلف مقدار الطاقة الذي تستهلكه عملية إنشاء وبيع وشراء الرموز غير القابلة للاستبدال من شبكة لأخرى.

وبما أن شبكة الإيثريوم – Ethereum تعتبر من أشهر شبكات البلوك تشين على الإطلاق، وكانت النقطة المحورية لطفرة الـNFT في عام 2021، وقامت عليها معظم منصات تداول الرموز الرقمية، فمن المهم معرفة مقدار استهلاكها للطاقة؛ وذلك لفهم مدى تأثير سك هذه الرموز على البيئة.

فوفقًا لتحليل نشرته شركة الأبحاث Crypto Carbon Ratings Institute (CCRI)، كانت الشبكة – قبل عملية الدمج التي سنتحدث عنها بشكل تفصيلي فيما بعد – تستهلك حوالي 23 مليون ميجاوات / الساعة سنويًا، وهو ما يعادل استهلاك بعض الدول من الطاقة.

ولهذا السبب، تعرضت الشبكة لانتقادات لاذعة من قبل حكومات ومؤسسات عديدة، حيث تم توجيه اتهامات لها بالعمل على تدمير الكوكب. وبجانب الإيثريوم، هناك العديد من الشبكات الأخرى التي يتم من خلالها إنشاء الـNFTs مثل سولانا – Solana وتيزوس – Tezos وبوليجون – Polygon، إلا أن استهلاكها للطاقة أقل بكثير من الإيثريوم.

بارقة أمل.. دمج الإيثريوم

كما سبق وأن أشرنا، تعتبر شبكة الإيثريوم من أكثر شبكات البلوك تشين، التي تعرضت لانتقادات عديدة؛ بسبب مقدار الطاقة الكبير الذي كانت تستهلكه، والذي يرجع إلى اعتمادها على نظام إثبات العمل – Proof of Work، منذ تأسيسها.

وأمام كل هذه الانتقادات، كان لابد من إيجاد حل، ومن هنا أعلنت الشبكة في شهر سبتمبر الماضي، عن الحدث الأهم في تاريخها، وهو دمج الإيثريوم – Ethereum Merge، والذي يعني ببساطة دمج شبكة الإيثريوم القديمة التي كانت تعمل بنظام إثبات العمل – Proof of Work مع الشبكة الجديدة التي تعمل بنظام إثبات الحصة – Proof of Stake، والخروج بشبكة واحدة تعمل بنظام Proof Stake بالكامل.

وكما سبق وأن أشرنا فإن نظام Proof of Work، وهو خوارزمية يتم من خلالها تأمين الشبكة وتأكيد المعاملات من خلال معدنين يمتلكون أجهزة تعدين ضخمة، تقوم بإنفاق قدر كبير من الطاقة؛ للقيام بمهامها.

أما في نظام Proof of Stake يتم تأمين الشبكة من خلال المدققين الذين يقومون بتخزين أو حجز كمية من الإيثريوم؛ ليقوموا بتأمين الشبكة وتأكيد المعاملات، وهذا النظام لا يتطلب قدر كبير من الطاقة.

ووفقًا لما ذكرته الشبكة، من المتوقع أن يؤدي هذا النظام الجديد إلى تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 99.95%، ليصل إلى 2600 ميجاوات / الساعة سنويًا؛ لتتحول بذلك إلى شبكة صديقة للبيئة.

هل يمكن أن تستخدم الـNFTs طاقة أقل؟

بجانب التحول من نظام Proof of Work إلى نظام Proof of Stake، هناك العديد من الأساليب الأخرى التي يمكن اتباعها؛ لتقليل استهلاك الطاقة، والتي يتمثل أبرزها في التالي: 

استخدام الطاقة المتجددة: يمكن لعمال المناجم الذين يعتمدون على نظام Proof of Work استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتشغيل أجهزتهم.

الاستثمار في الطاقة المتجددة: مع بيع بعض الأصول الرقمية بأسعار رائعة، من الممكن تخصيص جزء من هذه العائدات لاستثمارات الطاقة المتجددة، حيث يمكن أن يؤدي التحول على نطاق واسع إلى الطاقة المتجددة إلى القضاء على التأثير البيئي لإنتاج الـNFTs.

الاستثمار في التقنيات التجريبية: يمكن أيضًا استثمار جزء من عائدات بيع الـNFTs في التقنيات التجريبية المصممة لتخفيف آثار التغيرات المناخية.

من أين يمكنني شراء الـNFTs الموفرة للطاقة؟

يمكنك شراء الـNFTs من المنصات التي تدعم شبكات البلوك تشين الموفرة للطاقة، مثل منصة أب يو – UPYO، التي تعتبر أول وأكبر منصة لبيع وشراء وتداول الرموز غير القابلة للاستبدال بالوطن العربي. حيث تدعم منصة أب يو شبكة الإيثريوم، التي كما سبق وأن أشرنا، انتقلت مؤخرًا العمل بنظام Proof of Stake الموفر للطاقة.

كما تدعم أيضًا شبكة بوليجون – Polygon، التي تعمل بنفس النظام، وفي طريقها الآن لاعتماد المزيد من شبكات البلوك تشين الأخرى الأقل استهلاكًا للطاقة مثل شبكة تيزوس – Tezos.

رؤية مستقبلية

بدأت شبكات البلوك تشين مؤخرًا تدرك ضرورة التحرك لإيجاد حلول جذرية للتأثيرات البيئية التي تسببت فيها، على مدار السنوات الماضية. فكما سبق وأن أشرنا، استطاعت شبكة الإيثريوم، الأكثر استخدامًا على مستوى العالم في إنتاج الـNFTs، في تبني نظام جديد يقلل من استهلاكها للطاقة بنسبة 99.95%.

ولذلك، فمن المتوقع أن يساهم كل ذلك في تغيير نظرة الحكومات والمنظمات المعنية بالحفاظ على البيئة، لصناعة الرموز غير القابلة للاستبدال، وهو ما سنراه معًا.