نشأة الـNFT.. متى ظهرت الرموز غير القابلة للاستبدال؟

شهدت الساحة الرقمية خلال عام 2021، انتشارًا كبيرًا للغاية لعمليات بيع وشراء وتداول الأصول الرقمية «الرموز غير القابلة للاستبدال – NFT».

فقد سمعنا خلال هذا العام عن بيع العديد من الأصول الرقمية في شكل NFTs بأسعار خيالية، مثل قطعة The Merge الفنية التي تم بيعها مقابل 91.8 مليون دولار أمريكي.

وعلى الرغم من أن الكثيرين منا لم يسمعوا عن هذه الصناعة سوى في 2021، إلا أن تاريخ نشأة الـNFT يعود إلى ما قبل هذا العام بكثير. فالرموز غير القابلة للاستبدال لم تظهر في يوم وليلة، بل تطورت على مدى سنوات طويلة، حتى وصلت إلى ما هو عليه الحال الآن.

ولذلك، سوف نحاول من خلال هذا المقال توضيح متى ظهر الـNFT لأول مرة، ومراحل تطور هذه الصناعة، وكذلك أيضًا أبرز التوقعات بشأن مستقبلها.

تاريخ الـNFT

يمكننا تقسيم تاريخ نشأة وتطور الـNFT إلى عدة مراحل، وفقًا لهذا التسلسل الزمني:

2012: بداية الـNFT.. العملات الملونة

لا يمكننا الحديث عن نشأة الـNFT، دون التطرق إلى ما يُعرف باسم العملات الملونة – Colored Coins.

ففي عام 2012، قام الخبير في العملات الرقمية، ميني روزنفيلد – Meni Rosenfield، بكتابة ورقة قدم فيها فكرة جديدة لإدارة الأصول العقارية على شبكة البلوك تشين الخاصة بالبيتكوين، عبر شيء أسماه العملات الملونة.

وكانت هذه العملات الملونة بمثابة طريقة لاستخدام تقنية البلوك تشين؛ لتتبع البيانات الوصفية، وإثبات الملكية، وتحديد استخدام الأصول العقارية. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة لم يتم تنفيذها في هذا التوقيت؛ بسبب قيود البلوك تشين الخاصة بالبيتكوين، إلا أنها أرست القواعد التي أدت إلى اختراع الـNFT فيما بعد.

2014: إطلاق أول NFT – Quantum

في 3 مايو عام 2014، قام الفنان الرقمي كيفن ماكوي –  Kevin McCoy، بسك أول رمز غير قابل للاستبدال تحت عنوان Quantum، على بلوك تشين Namecoin.

وكان هذا الرمز عبارة عن صورة رقمية لمثمن يغير لونه، وينبض بطريقة تشبه إلى حد كبير الأخطبوط. وأعقب ذلك، إجراء العديد من التجارب لسك الرموز الرقمية على شبكة البلوك تشين الخاصة بالبيتكوين.

2015: ظهور الـNFTs في ألعاب الفيديو – SoG

بعد فترة وجيزة من تجربة سك رمز Quantum، تم إنشاء أول لعبة قائمة على تقنية البلوك تشين، تُسمى بـSpells of Genesis أو SoG. وقامت فكرة هذه اللعبة على قيام اللاعبين بجمع البطاقات -التي تمثل رموزًا غير قابلة للاستبدال- ودمجها، لإنشاء مجموعات قوية لمحاربة أعدائهم.

2016: إطلاق ميمات في شكل NFTs – Rare Pepes

في عام 2016، تم إصدار مجموعة ميمات في شكل NFTs تحت عنوان Rare Pepes، على منصة Counterparty – Bitcoin 2.0، التي كانت مخصصة وقتها لإنشاء الأصول الرقمية.

وتم إنتاج هذه الميمات، بين عامي 2016 و2018، من قبل فنانين كثيرين في جميع أنحاء العالم.

وفي هذه الأثناء، أدرك المطورون أن شبكة البلوك تشين الخاصة بالبيتكوين لم يكن الغرض منها مطلقًا استخدامها كقاعدة بيانات للرموز غير القابلة للاستبدال، وبالتالي لم تكن الشبكة المثالية لدعم هذا النوع من الأصول، ومن هنا قرروا الانتقال لشبكة الإيثريوم – Ethereum، التي كانت قد انطلقت وقتها، ومهدت الطريق فيما بعد لهذه الصناعة.

2017: صياغة مصطلح الـNFT

حقق مصطلح الـNFT انتشارًا كبيرًا مع إصدار معيار ERC-721 عبر شبكة الإيثريوم عام 2017.

وفي ضوء ذلك، نجح كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة Dapper Labs، ديتي شيرلي – Dete Shirley في صياغة مصطلح الرمز غير القابل للاستبدال – Non Fungible Token بشكل فعال.

وساهم ذلك في جعل الكثيرين ينظرون إلى شركة Dapper Labs العاملة في مجال ألعاب البلوك تشين، باعتبارها مسقط رأس الـNFT.

2017: إطلاق أول مشروع NFT مُعترف به على نطاق واسع – CryptoKitties

في نفس العام، أطلقت شركة Dapper Labs أول مشروع NFT تم الاعتراف به على نطاق واسع، وهو لعبة CryptoKitties.

وتم إطلاق هذه اللعبة على شبكة البلوك تشين الخاصة بالإيثريوم، وتقوم فكرتها على أساس قيام المستخدمين بشراء وتربية القطط الرقمية -التي تمثل رموزًا غير قابلة للاستبدال- وبيعها والاتجار بها.

وحقق هذا المشروع نجاحًا كبيرًا للغاية، حيث تم بيع رموزه بمئات الآلاف من الدولارات وقتها، وهو ما تسبب في جذب انتباه الكثيرين بجميع أنحاء العالم إليه. ومنذ ذلك الحين، شهدنا ظهور العديد من مشاريع الـNFT المشابهة، والتي حققت أيضًا نجاحًا كبيرًا مثل مشروع Bored Ape Yacht Club وغيره.

2021: عام الـNFT

كما سبق وأن أشرنا، شهدت السنوات القليلة التي سبقت عام 2021، ظهور العديد من مشاريع الرموز غير القابلة للاستبدال، والتي استطاعت أن تحقق شعبية كبيرة للغاية.

ولكن يظل 2021 هو عام الـNFT بامتياز، حيث شهد هذا العام حدوث طفرة كبيرة وغير متوقعة في عمليات بيع وشراء وتداول الأصول الرقمية على المنصات المختلفة.

ووصل حجم مبيعات الرموز الرقمية خلال هذا العام إلى ما يقرب من 24.7 مليار دولار أمريكي.

وعند إلقاء نظرة سريعة على ما شهده مجال الرموز غير القابلة للاستبدال خلال 2021، لا يمكننا تجاهل بعض الأعمال والأصول التي تم بيعها بأسعار خيالية، مثل لوحة Every Days: The First 5000 Days للفنان الرقمي الشهير بيبل – Beeple، والتي تم بيعها مقابل 69.3 مليون دولار، وكذلك أيضًا أول تغريدة على موقع تويتر، لجاك دروسي – Jack Dorsey، والتي تم بيعها مقابل 2.9 مليون دولار، وغيرها من الأعمال الأخرى.

كما لا يمكننا أيضًا تجاهل انضمام عدد كبير من المشاهير في مختلف المجالات إلى سباق الـNFT، مثل نجم كرة القدم البرازيلي نيمار دا سيلفا – Neymar da Silve، ومغني الراب الشهير إيمينيم – Eminem، ونجم كرة السلة الأمريكي ستيفن كاري – Stephen Curry، حيث قام كل هؤلاء النجوم وغيرهم بشراء رموز من مجموعات مختلفة مقابل مئات الآلاف من الدولارات.

وبالإضافة إلى المشاهير، شهد عام 2021 أيضًا انضمام عدد كبير من العلامات التجارية الكبرى إلى مجال الرموز غير القابلة للاستبدال، مثل شركة Nike وAdidas وGucci، وغيرها من الشركات الأخرى التي قامت بإنتاج أزياء افتراضية في شكل NFTs.

2022: تباطؤ حركة الـNFT

على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته صناعة الرموز غير القابلة للاستبدال، خلال الربعين الأول والثاني من عام 2022، إلا أن حجم المبيعات قد تراجع بشكل ملحوظ خلال الربعين الثالث والرابع.

حيث وصل حجم المبيعات خلال النصف الثاني من العام الماضي إلى 4.4 مليار دولار، مقارنة بـ23.2 مليار دولار، خلال نفس الفترة من عام 2021.

وأرجع الخبراء السبب وراء هذا التراجع الملحوظ في حجم مبيعات الـNFT إلى العديد من العوامل، مثل تضخم السوق، والتقلبات التي شهدتها العملات الرقمية، والأزمة الاقتصادية العالمية، وغيرها.

ولكن على الرغم من التراجع الملحوظ في حجم المبيعات خلال النصف الثاني من العام الماضي، مقارنة بنفس النصف من العام الذي سبقه، إلا أن إجمالي المبيعات السنوي لعام 2022 كان أفضل إلى حد ما من عام 2021.

حيث وصل إجمالي حجم المبيعات خلال 2022 إلى 25.2 مليار دولار، مقارنة بـ24.7 مليار دولار خلال 2021. ويعني ذلك، أنه على الرغم من العوامل الكثيرة التي أحاطت بصناعة الـNFT، خلال العام الماضي، إلا أنها ظلت محافظة على اتجاهها الصعودي من حيث حجم المبيعات.

مستقبل الـNFT

على الرغم من الصدمة الشديدة التي تعرض لها سوق الرموز غير القابلة للاستبدال في أواخر عام 2022، إلا أن غالبية الخبراء والمحللين مازالوا متفائلين بشأن مستقبل الـNFT.

ويعتمد الخبراء في نظرتهم التفاؤلية لمستقبل الأصول الرقمية، على أن هذه الأصول باتت جزءًا هامًا من الاقتصاد الرقمي، الذي يتسع كل يوم ليشمل المزيد من المجالات.

فكما سبق وأن أشرنا من قبل، تلعب هذه الأصول دورًا أساسيًا في ألعاب الفيديو التي تقوم على مبدأ اللعب من أجل الربح – P2E، والأعمال الفنية، والموسيقى، والصناعات الرقمية القابلة للتحصيل، وعوالم الميتافيرس – Metaverse، وغيرها من القطاعات الأخرى التي لها مستقبل مشرق.

الخلاصة

لم تكن صناعة الرموز غير القابلة للاستبدال وليدة عام 2021، بل نشأت وتطورت قبل ذلك بسنوات طويلة.

ومرت هذه الصناعة بالعديد من المراحل الهامة، وواجهت العديد من العقبات في طريقها، لتصبح في النهاية واحدة من أكثر الصناعات التكنولوجية الواعدة في الوقت الراهن.

نتمنى أن يكون هذا المقال قد ساعدك في معرفة تاريخ نشأة الـNFT، ومراحل تطور هذه الصناعة الهامة.